الأزهار الخالدة والاحتفالات الممتدة: اثنا عشر يومًا من الميلاد وتراث الألوان

الرياض، المملكة العربية السعودية – كشفت دراسة متخصصة حديثة عن الدور المحوري الذي تلعبه الأزهار والنباتات الخضراء التقليدية في إثراء احتفالات “أيام الميلاد الاثني عشر” (Twelve Days of Christmas)، وهي فترة تمتد من الخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول حتى السادس من يناير/كانون الثاني. وتُعد هذه الفترة، التي ترمز تاريخيًا إلى رحلة المجوس الثلاثة إلى بيت لحم، نسيجًا غنيًا من التقاليد الثقافية والدينية التي تستمر فيها الزينة النباتية في لعب دور المرشد والرمز، مما يقدم تحديات وفرصًا جديدة لمصممي الأزهار حول العالم.

جذور التراث: التوليفة الخضراء الكلاسيكية

على الرغم من أن الاحتفالات الحديثة غالبًا ما تتركز حول يوم الميلاد نفسه، فإن الأيام الاثني عشر كانت تاريخيًا فترة من الأعياد والأنشطة الاجتماعية والدينية. شكلت ثلاث نباتات دائمة الخضرة أساس الزينة الميلادية الأوروبية: الإيلكس (Holly)، واللبلاب (Ivy)، والهدال (Mistletoe). وقد سبق استخدام هذه النباتات ظهور المسيحية، حيث كانت تُستخدم في احتفالات الانقلاب الشتوي القديمة لترمز إلى وعد عودة الربيع وقوة الحياة في أحلك الأوقات.

الإيلكس: رمز التضحية والقوة

يتميز الإيلكس بأهمية رمزية عميقة في التقليد المسيحي، حيث تُمثل أوراقه الشائكة “إكليل الشوك” الذي وضعه الرومان على رأس المسيح، بينما ترمز ثماره الحمراء القرمزية إلى دمائه. تاريخيًا، كان الرومان يتبادلون أكاليل الإيلكس خلال عيد الساتورناليا كبادرة حظ سعيد. يواجه مصممو الأزهار تحديًا في الحفاظ على الإيلكس طازجًا؛ إذ يجب ترطيب الأغصان باستمرار لضمان بقاء الأوراق اللامعة والثمار الزاهية التي تخلق تباينًا مذهلاً في الترتيبات.

اللبلاب والهدال: الخلود والرومانسية

يرمز اللبلاب، بفضل طبيعته دائمة الخضرة وقدرته على التسلق، إلى الحياة الأبدية والولاء الثابت. غالبًا ما كان يُقرن مع الإيلكس في الزينة لتمثيل التوازن بين العناصر “المؤنثة” و”المذكرة”. من جهة أخرى، يتمتع الهدال بمكانة فريدة في التقاليد الميلادية، يرتبط تقليديًا بالرومانسية والخصوبة، ويُعرف بالتقليد الإنجليزي الذي نشأ في القرن الثامن عشر بتبادل القبلات تحته.

ومع ذلك، يمثل الهدال تحديًا عمليًا. يقول خبير في تصميم الأزهار بجنوب أوروبا: “يُعد الهدال نباتًا طفيليًا يصعب زراعته تجاريًا، ويتم حصاد معظمه بريًا. يجب توخي الحذر الشديد عند التعامل معه لأن ثماره البيضاء سامة، مما يجعله عنصرًا يتطلب التعامل باهتمام مع الجمهور”.

زنبقة عيد الميلاد: “بونسيتيا” هدية المكسيك الحمراء

شهدت فترة الأيام الاثني عشر تحولًا كبيرًا بفضل نبات البونسيتيا (Poinsettia) الذي يُعرف في المكسيك باسم “زهرة ليلة الميلاد” (Flor de Nochebuena). كان الأزتيك يستخدمونه للصبغات والأغراض الطبية قبل أن يتبناه الرهبان الفرنسيسكان في القرن السابع عشر كرمز للعيد، مستوحين من شكل أوراقه النجمية (قناباته) ولونه الأحمر.

مهد الدبلوماسي الأمريكي جويل روبرتس بونسيتيا الطريق لدخول النبات إلى الولايات المتحدة في عام 1825. لكن الثورة الحقيقية جاءت بفضل عائلة إيكي (Ecke) في كاليفورنيا، التي طورت تقنيات زراعة مكثفة وخطط تسويق عبقرية، مثل إرسال النباتات مجانًا إلى استوديوهات التلفزيون في الستينيات، مما رسخ مكانة البونسيتيا كمرادف للاحتفال الميلادي الأمريكي.

نصائح عملية لمصممي الأزهار: تتطلب البونسيتيا ما لا يقل عن 12 ساعة من الظلام الدامس يوميًا لمدة 8 إلى 12 أسبوعًا لتطوير لونها الأحمر المميز. كما أنها شديدة الحساسية للبرد؛ التعرض لدرجات حرارة تحت 10 درجات مئوية ولو لدقائق قليلة قد يتسبب في “صدمة البرد” وتساقط الأوراق لاحقًا، مما يستلزم حمايتها جيدًا أثناء النقل والعرض.

التوقيت المقدس للإزالة: نهاية الأيام الاثني عشر

تُعتبر الليلة الثانية عشرة، التي تصادف مساء الخامس من يناير/كانون الثاني، ذات أهمية خاصة في التقاليد الإنجليزية، حيث كانت تمثل ذروة الاحتفالات قبل أن تحل الكنيسة الفوضى بانتهاء العيد. أما عيد الظهور الإلهي (Epiphany) في السادس من يناير، فيمثل اليوم الذي يتم فيه تقليديًا إزالة جميع الزينة النباتية، اعتقادًا بأن تركها بعد هذا التاريخ يجلب سوء الحظ.

في الدول الناطقة بالإسبانية، يُعرف هذا اليوم باسم “يوم الملوك الثلاثة” (Día de los Reyes)، وهو اليوم الرئيسي لتبادل الهدايا، وليس يوم الميلاد. يُركز مصممو الأزهار في أمريكا اللاتينية وإسبانيا على هذا التاريخ، حيث يُطلب ترتيبات فاخرة تدمج الألوان الملكية مثل الذهبي والأرجواني والأحمر الغني، تخليدًا لهدايا المجوس.

إن فهم مصممي الأزهار لهذه التواريخ والتقاليد، من تاريخ قدوم الإيلكس إلى توقيت إزالة البونسيتيا، يتيح لهم تقديم خدمات ذات عمق ثقافي، مما يضمن استمرار إزهار هذا التقليد العريق.

母親節送咩花?