عمّان، الأردن – بعد أشهر من البرد والركود، بدأت زهور الأبصال الربيعية هذا العام في اختراق التربة الباردة مبشرة بقدوم موسم التجديد والألوان الزاهية. وتمثل هذه الأزهار، التي زرعت في الخريف، الرمز الأقدم والأكثر بهجة لعودة الدفء وبداية دورة حياة جديدة، لتؤكد الطبيعة نفسها التزامها بالبعث السنوي. وتُعد هذه المجموعة من النباتات، التي تشمل النرجس والزنبق والزعفران، ضرورية لحدائق الربيع لما تحمله من معانٍ عميقة تتجاوز مجرد جمالها البصري.
قادة الألوان: النرجس والزنبق رمزان للبدايات
يتربع النرجس (Daffodils) على عرش مبشري الربيع، حيث تتلألأ أزهاره الصفراء والبيضاء والبرتقالية بزنمتها المميزة التي تشبه البوق. ولا يقتصر حضور النرجس على الجانب الجمالي فحسب، بل يحمل دلالات ثقافية عميقة؛ فهو رمز للبدايات الجديدة والحظ السعيد في ثقافات متعددة، كما يُعرف بمتانته وقدرته على التكاثر الذاتي عاماً بعد عام بأقل قدر من العناية. وإلى جانبه، تزدهر زهرة التوليب أو الزنبق (Tulips)، التي تشتهر بأناقتها وشكلها الكأسي وانتمائها العميق لتاريخ الحدائق من آسيا الوسطى وحتى عصرها الذهبي في هولندا. ويرتبط التوليب عاطفياً بالحب المثالي، وتختلف دلالات ألوانه: فالأحمر يرمز للحب الحقيقي، بينما يعبر الأصفر عن الأفكار المبهجة.
الزعفران ونداء الروائح العطرية
من بين الأزهار التي تطل برأسها الأولى، يأتي الزعفران (Crocus)، الذي كثيراً ما يظهر حتى قبل ذوبان الثلوج بالكامل. وتتراوح ألوان هذه الزهور الصغيرة والقوية بين البنفسجي والأبيض والأصفر، وتعد رمزاً للبهجة والشباب المرتبطين بالربيع. وبعيداً عن الحديقة، يحمل الزعفران أهمية تاريخية كونه مصدراً لبهار الزعفران الثمين الذي يُستخرج من مياسم بعض أنواعه.
أما الخزامى أو الهياسنث (Hyacinths)، فتجلب معها احتفالاً بالروائح العطرية. وتتميز هذه الأبصال بأزهارها الكثيفة ذات الرائحة النفاذة التي تملأ الأجواء، وتتوفر بألوان الأزرق والوردي والأبيض. وفي لغة الزهور الفيكتورية، ارتبطت الخزامى بمعاني اللعب والحركة، بينما تُعتبر اليوم تعبيراً عن الجمال والأنوثة في الربيع.
نصائح عملية لنمو مثالي للأبصال
لتضمن أي حديقة إزهارًا غنياً لزهور الأبصال الربيعية، يجب إجراء الزراعة في فصل الخريف، تحديداً ما بين سبتمبر ونوفمبر، قبل أن تتجمد التربة. تحتاج هذه الأبصال إلى فترة من السكون البارد لتتمكن من تحقيق الإزهار الصحيح. وينصح خبراء البستنة بزرع البصلات في تربة جيدة التصريف تتعرض لأشعة الشمس المباشرة، مع غرسها على عمق يعادل ثلاثة أضعاف ارتفاع البصلة، ويكون الطرف المدبب موجهاً للأعلى.
النقطة الأهم بعد الإزهار هي ضرورة ترك الأوراق تذبل بشكل طبيعي بعد انتهاء مرحلة التزهير. هذه العملية الحيوية تسمح للأوراق بإعادة تخزين الطاقة والمغذيات الضرورية داخل البصلة، مما يضمن عرضاً زاهياً في موسم الربيع التالي. إن زهور الأبصال الربيعية لا تمثل مجرد زينة للحدائق، بل هي تذكير سنوي دائم بأن الحياة والتجديد يعودان بقوة، حتى بعد أصعب الفصول.